فينيسيوس جونيور والعنصرية- غضب عالمي وردود أفعال قوية

المؤلف: «عكاظ» (فالنسيا) okaz_sports@10.03.2025
فينيسيوس جونيور والعنصرية- غضب عالمي وردود أفعال قوية

أثارت الإهانات العنصرية البغيضة التي استهدفت النجم البرازيلي فينيسيوس جونيور، خلال مباراة فريقه ريال مدريد ضد فالنسيا يوم الأحد الماضي في منافسات الدوري الإسباني الممتاز، موجة عارمة من الاستنكار والإدانة على نطاق عالمي واسع.

عقب هزيمة ريال مدريد بهدف يتيم في الجولة الخامسة والثلاثين من الليغا، والتي شهدت في نهايتها المؤسفة طرد فينيسيوس جونيور إثر اشتباكه مع هوغو دورو (90+7)، أعرب مدربه الإيطالي المخضرم كارلو أنشيلوتي عن أسفه العميق قائلاً: "لم يسبق لي قط أن فكرت في استبدال لاعب بسبب العنصرية. ما حدث اليوم أمر مروع وغير مسبوق. الدوري الإسباني يعاني من مشكلة عميقة الجذور مع العنصرية، وفينيسيوس ليس جزءاً من المشكلة بل هو الضحية. هناك أزمة خطيرة للغاية يجب معالجتها".

في الدقيقة السبعين من عمر اللقاء، أشار اللاعب البرازيلي إلى أحد المشجعين المتواجدين خلف المرمى، بينما وقف زميله ومواطنه إيدر ميليتاو بجانبه معترضاً، وانضم إليهما بقية اللاعبين لتقديم شكوى للحكم، وفقاً لما ذكرته وكالة فرانس برس.

وأوضح أنشيلوتي أنه سمع هتافات عنصرية بذيئة مثل "مونو"، والتي تعني "قرد" باللغة الإسبانية، مما دفع الحكم ريكاردو دي بيرغوس بينغوتشيا إلى التحدث مع المسؤولين في الملعب الذين طالبوا بوقف هذه الإساءات العنصرية فوراً، قبل أن يتم استئناف اللعب بعد توقف دام عشر دقائق.

وفي تقريره الرسمي، ذكر الحكم أنه سمع أحد المشجعين وهو يصرخ في وجه اللاعب بكلمات نابية مثل "قرد، قرد".

وأضاف أنشيلوتي بحسرة: "سألته عما إذا كان يرغب في الاستمرار في اللعب، وأكد لي رغبته في ذلك. وأخبرني الحكم بأنه يجب عليه الاستمرار، وأنه سيطبق بروتوكول مكافحة العنصرية في حال تكرر الأمر. ولكن للأسف، تكرر الأمر بالفعل، فعندما أشهر الحكم البطاقة الحمراء في وجهه، بدأ الملعب بأكمله في الهتاف بكلمات عنصرية مسيئة. هذا الأمر لا يمكن أن يستمر على الإطلاق. أنا في غاية الحزن".

عقب انتهاء المباراة، عبّر فينيسيوس عن غضبه عبر حسابه الشخصي على موقع انستغرام قائلاً: "ما فاز به العنصريون هو طردي من المباراة. هذه ليست كرة قدم. العنصرية أصبحت أمراً طبيعياً في الدوري الإسباني".

وأضاف المهاجم الدولي البالغ من العمر 22 عاماً، والذي يدافع عن ألوان ريال مدريد منذ عام 2018 قادماً من فلامنغو: "هذه ليست المرة الأولى، ولا الثانية، ولا حتى الثالثة التي أتعرض فيها للعنصرية. أنا حزين للغاية. البطولة التي كانت في يوم من الأيام ملكاً للأسطورة رونالدينيو، والظاهرة رونالدو، والهداف كريستيانو رونالدو، والعبقري ميسي، أصبحت اليوم مرتعاً للعنصريين".

وتابع فينيسيوس بحرقة: "هذا البلد الجميل الذي رحب بي وأحببته، وافق للأسف على تصدير صورة مشوهة عن دولة عنصرية إلى العالم أجمع. أنا آسف للغاية تجاه الإسبان الذين يرفضون هذا الواقع المرير، ولكن اليوم، في البرازيل، تُصنف إسبانيا كدولة عنصرية. ومع كل ما يحدث كل أسبوع، لا يمكنني الدفاع عن نفسي. لكني قوي وسأحارب بكل ما أملك من قوة ضد العنصريين، حتى لو اضطررت إلى الابتعاد عن هذا المكان".

وتدفقت رسائل الدعم والمؤازرة للاعب البرازيلي من مختلف بقاع العالم. وكشف زميله حارس المرمى البلجيكي تيبو كورتوا عن تضامنه الكامل قائلاً: "إذا قال فيني ‘سأغادر الملعب‘، كنت سأتركه معه. لا يمكننا أن نتحمل هذا الأمر". وأضاف أنه سمع "أصوات القرود في الدقيقة العشرين من المباراة".

وكتب النجم البرازيلي نيمار دا سيلفا "كلنا معك يا فيني"، وانضم إليه في حملة التضامن المهاجم الدولي ريشارليسون، والأسطورة المعتزلة رونالدو، وحتى أيقونة الموسيقى جيلبرتو جيل.

كما حرص قائد منتخب فرنسا ونجم باريس سان جرمان كيليان مبابي على كتابة رسالة دعم عبر حسابه على انستغرام قائلاً: "لست وحدك يا فينيسيوس. نحن معك وندعمك بكل قوة".

وخلال مؤتمر صحفي عقده في هيروشيما اليابانية، أدان الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا "العنصرية البغيضة" التي استهدفت اللاعب اليافع قائلاً: "لقد هاجموه بوحشية ووصفوه بالقرد. من غير المقبول على الإطلاق في القرن الحادي والعشرين أن نرى هذه الأحكام المسبقة العنصرية في العديد من ملاعب كرة القدم".

من جانبه، أكد رئيس الاتحاد البرازيلي لكرة القدم إدنالدو رودريغيش عبر وسائل التواصل الاجتماعي: "فينيسيوس جونيور، نرسل لك حبنا ودعمنا الكامل، ومن قبل كل البرازيليين".

وفي بيان رسمي صدر عقب المباراة، أدان نادي فالنسيا "بشكل قاطع أي نوع من الإهانة أو الاعتداء أو الازدراء" و"أعرب عن أسفه الشديد لأحداث يوم الأحد"، مشيراً إلى أنها "أعمال فردية معزولة".

وأكد النادي الإسباني أنه "يجري تحقيقاً شاملاً في الوقائع التي حدثت وسيتخذ أشد الإجراءات العقابية ضد المتورطين".

كما اعتذر مهاجم فالنسيا الهولندي جاستن كلويفرت لفينيسيوس نيابة عن ناديه قائلاً: "أعتذر نيابة عنا جميعاً، فريق فالنسيا بأكمله، لأن هذه ليست كرة قدم. إنها تجربة سيئة للغاية".

وعبّر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) السويسري-الإيطالي جياني إنفانتينو عن تضامنه الكامل مع فينيسيوس قائلاً: "لا مكان للعنصرية في كرة القدم أو في المجتمع بأكمله، وفيفا يدعم جميع اللاعبين الذين واجهوا وضعاً مماثلاً".

وذكّر إنفانتينو بالخطوات الثلاث التي يتبعها فيفا في مسابقاته، مطالباً بتطبيقها في جميع الدول والبطولات قائلاً: "أولاً، أوقفوا المباراة على الفور. ثانياً، يغادر اللاعبون أرض الملعب ويُعلن عبر مكبرات الصوت أن المباراة ستتوقف نهائياً في حال استمرار الإهانات العنصرية. يُستأنف اللقاء بعد فترة وجيزة، ثم ثالثاً، إذا عادت الإهانات، تتوقف المباراة وتذهب النقاط الثلاث تلقائياً للفريق الخصم".

في المقابل، لم يتقبل رئيس رابطة الدوري الإسباني خافيير تيباس اتهامات اللاعب البرازيلي، وشن هجوماً مضاداً عليه عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وكتب تيباس في تغريدة مثيرة للجدل: "نظراً لعدم قيام من يتوجب عليه أن يشرح لك ماهية الليغا وما يمكن أن تقدمه في حالات العنصرية، فقد حاولنا جاهدين أن نشرح لك الأمر، ولكنك لم تحضر في أي من الموعدين المتفق عليهما اللذين طلبتهما بنفسك. قبل توجيه الانتقادات والإهانات إلى الليغا، من الضروري أن تكون على دراية كاملة بكل التفاصيل".

وردّ فينيسيوس قائلاً: "أنا لست صديقك لكي أتحدث معك عن العنصرية. أنا أريد أفعالاً ملموسة وعقوبات رادعة".

بدوره، اختتم أنشيلوتي مؤتمره الصحفي بكلمات مؤثرة قائلاً: "لقد قدمنا العديد من الشكاوى في السابق، ولكن إلى أين قادتنا هذه الشكاوى؟ لا شيء على الإطلاق. الحل الوحيد والفعال هو إيقاف المباراة فوراً".

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة